تُعدّ العناية الواجبة بحقوق الإنسان مسألةً بالغة الأهمية في العمليات الإنسانية في شمال غرب سوريا بسبب التعقيدات الناجمة عن النزاع وتحديات الحوكمة وتعدد الجهات الفاعلة. نشأت هذه الظروف الحرجة نتيجة لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتُكبت في سوريا منذ عام 2011، ومعظمها ولكن ليس كلها، من قبل الحكومة السورية. وكانت شمال غرب سوريا واحدة من أكثر المناطق تضرراً من النزاع السوري المستمر، حيث تعمل عدة فصائل، بما في ذلك الجماعات المسلحة غير الحكومية، والجهات الفاعلة الدولية، والسلطات المحلية، في بيئة مجزأة. تؤدي هذه الديناميات إلى مخاطر كبيرة لانتهاكات حقوق الإنسان، مما يستلزم إجراء عناية واجبة دقيقة لضمان ألا تؤدي الجهود الإنسانية إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة أو دعم مرتكبي الانتهاكات عن غير قصد.
أحد الأسباب الرئيسية لضرورة العناية الواجبة بحقوق الإنسان هو التخفيف من مخاطر انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة شديدة التقلب. غالباً ما تتحكم الجماعات والفصائل المسلحة في الوصول إلى المساعدات الإنسانية، ومِن دون إجراءات العناية الواجبة المناسبة، هناك خطر يتمثل في تحويل المساعدات لدعم هذه الجماعات، مما يؤدي إلى إطالة أمد النزاع أو التسبب في المزيد من الانتهاكات. يمكن أن تساعد العناية الواجبة بحقوق الإنسان المنظمات غير الحكومية الإنسانية على التعامل مع هذه الظروف المعقدة وضمان تنفيذ المشاريع الإنسانية بما يتوافق، قدر الإمكان، مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. ويتعلق جانب آخر بالغ الأهمية من جوانب العناية الواجبة بحقوق الإنسان في شمال غرب سوريا بحماية المدنيين. إذ تضمُّ المنطقة ملايين النازحين الذين يواجهون مخاطر متعددة، بما في ذلك العنف الموجَّه والتهجير القسري وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. من خلال تطبيق العناية الواجبة بحقوق الإنسان، يمكن للمنظمات غير الحكومية الإنسانية تقييم المخاطر التي تواجه هذه الفئات الضعيفة بشكل أفضل وتكييف تدخلاتها بحيث تتجنُّب المساهمة في المزيد من الضرر. يشمل ذلك اتخاذ تدابير لضمان عدم تعزيز توزيع المساعدات للممارسات التمييزية أو تهميش مجتمعات معينة، لا سيما، في المناطق التي تشهد توترات عرقية أو طائفية مرتفعة.
علاوة على ذلك، تعَّد العناية الواجبة بحقوق الإنسان ضرورية للحفاظ على حياد العمليات الإنسانية وشرعيّتها. في مناطق النزاع مثل شمال غرب سوريا، غالباً ما يُنظر إلى المنظمات غير الحكومية الإنسانية بارتياب من قِبل مختلف أطراف النزاع، بينما تواجه في الوقت نفسه مستويات متفاوتة من الضغوط من هذه السلطات للامتثال لسياساتها أو أجنداتها. لذا فإنّ وجود إطار عمل متين للعناية الواجبة بحقوق الإنسان يتيح لهذه المنظمات إثبات التزامها بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مما قد يساعد في بناء الثقة مع المجتمعات المحلية وتقليل مخاطر تعرضها للاستهداف بالعنف.
بالإضافة إلى ذلك، تسهم العناية الواجبة بحقوق الإنسان في ضمان المساءلة والشفافية، وهما أمران حاسمان في حالات الطوارئ الإنسانية المعقدة. ونظراً لتعدد الجهات الفاعلة في العمليات الإنسانية – من المنظمات غير الحكومية الدولية إلى الشركاء المحليين والمقاولين من القطاع الخاص – هناك حاجة إلى آليات رقابة قوية. تتضمن عمليات العناية الواجبة بحقوق الإنسان المتابعة والتقييم والإبلاغ المستمر، مما يضمن التزام جميع الأطراف المعنية بمعايير حقوق الإنسان. هذا لا يحمي المستفيدين فحسب، بل يحمي أيضاً سمعة المنظمات غير الحكومية الإنسانية وقدرتها التشغيلية من خلال ضمان عدم تورطها في انتهاكات حقوق الإنسان.
12. إن استخدام كلمة “حكومة” في هذا التقرير بدلاً من كلمة “نظام” في إشارة إلى نظام بشار الأسد في سوريا يرجع إلى اعتبارات قانونية. إن مصطلح “حكومة” يؤكد على المسؤوليات القانونية للدولة ولا يشكل بياناً سياسياً أو تأييداً لموقف سياسي. وهو يسلط الضوء على واجبات الدولة والتزاماتها بموجب القانون الدولي، بغض النظر عمن يمارس وظائف الحكومة.
13. بحلول تشرين الأول/ أكتوبر 2024، استضافت منطقة شمال غرب سوريا مليوني نازح داخلي يعيشون في المخيمات، من إجمالي عدد السكان الذي يزيد على 5 ملايين. مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، شمال غرب سوريا | تقرير الحالة (تشرين الأول/ أكتوبر 2024)، متاح على <https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/north-west-syria-situation-report-18-october-2024-enar