تحدد المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان – التي يمكن القول بأنَّها تنطبق على المنظمات غير الحكومية الإنسانية – نطاق مسؤولية احترام حقوق الإنسان من خلال ثلاث فئات رئيسية للتورط في انتهاكات حقوق الإنسان:
- التسبُّب في الانتهاك: قد تتسبب منظمة ما في انتهاكات حقوق الإنسان عندما تؤثر أنشطتها (سواء أفعالها أو امتناعها) على قدرة فرد أو مجموعة على التمتع بحق من حقوق الإنسان. على سبيل المثال، إذا قامت منظمة غير حكومية ببناء مساكن على أراضي النازحين، فإنها بذلك تتسبب بشكل مباشر في انتهاك حقوق الإنسان، وتحديداً حقوق الإسكان والأرض والملكية.
في مجال المياه والصرف الصحي (WASH)، يمكن للمنظمات غير الحكومية الإنسانية أن تتسبب أيضًا في انتهاكات حقوق الإنسان بشكل مباشر من خلال تركيب البنية التحتية للمياه والصرف الصحي دون إشراف كافٍ، مما يؤدي إلى تلوث المياه واندلاع الأمراض. كما يمكن للمنظمات غير الحكومية العاملة في القطاع الصحي أن تتسبب في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال تقديم علاج طبي مهمل.
- المساهمة في الانتهاك: قد تساهم منظمة ما في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال أنشطتها الخاصة (سواء أفعالها أو امتناعها)، إما مباشرة إلى جانب كيانات أخرى، أو من خلال أطراف ثالثة (الحكومة أو جماعة مسلحة أو منظمات أخرى أو أعمال تجارية). على سبيل المثال، قد تشرع جهة فاعلة مسلحة غير حكومية في بناء وحدات سكنية على أراضٍ تابعة لأقلياتٍ عرقية، مما يؤدي في النهاية إلى التغيير الديموغرافيّ وتهجير المجتمعات المحلية، فقد تجد المنظمات غير الحكومية الإنسانية نفسها مساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان إذا قامت بتقديم خدماتها في بناء هذه المساكن دون إدراكِ تأثير المشروع على حقوق المجتمعات المتضررة.
قد تساهم المنظمات غير الحكومية الإنسانية العاملة في مجال المياه والصرف الصحي (WASH) في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال شراكتها مع شركات تستغل موارد المياه من أجل الربح وتؤدي إلى نقص المياه للمجتمعات المحلية، مما ينتهك حقهم في الحصول على الماء. في قطاع التعليم، يمكن للمنظمات غير الحكومية الإنسانية أن تساهم في التمييز إذا دعمت برامج تعليمية تستبعد الفتيات، والأطفال ذوي الإعاقة، والأطفال النازحين، أو الأطفال من مجموعات عرقية أو دينية معينة بسبب السياسات المحلية أو التحيزات. إذا قامت منظمة غير حكومية بتوفير الكتب المدرسية أو الوجبات المدرسية أو سلع أو خدمات أخرى بطريقة تعود بالنفع على الجماعات المسلحة أو السلطات المتورطة في الانتهاكات، فقد تساهم أيضًا في استدامة ديناميكيات الصراع. كما قد تساهم المنظمات غير الحكومية في انتهاكات حقوق الإنسان إذا قامت، على سبيل المثال، بإنشاء مخيمات للنازحين داخليًا دون وجود حماية كافية ضد الاستغلال الجنسي والإيذاء (PSEAH)، مما يمكّن الجناة، بما في ذلك موظفي الإغاثة الإنسانية، من ارتكاب الانتهاكات.
- الارتباط المباشر: يمكن أن تنشأ مسؤولية منظمة ما عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها طرف ثالث، حتى لو لم تتسبب أو تساهم المنظمة في مثل هذه الانتهاكات. يشير الارتباط المباشر إلى الحالة التي يوجد فيها رابط مباشر بين عمليات المنظمة أو أنشطتها أو خدماتها وبين انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها كيانات أخرى، بما في ذلك المنظمات الأخرى والشركات والجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، التي تربطها بها علاقة عمل. على سبيل المثال، يمكن أن يظهر الارتباط المباشر في حالة قيام منظمة غير حكومية بشراء مواد بناء من شركة تستفيد من عمالة الأطفال. مما يعني أن المنظمة مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها تلك الشركة، حتى لو لم تكن قد ساهمت فيها بشكل مباشر.
بالإضافة إلى ذلك، إذا قامت منظمة غير حكومية بتأجير مساحات مكتبية أو مستودعات أو مراكز توزيع من كيانات حصلت على تلك الممتلكات من خلال النهب أو التهجير القسري، فإن تلك المنظمة ستكون مرتبطة مباشرة بانتهاكات حقوق السكن والأرض والممتلكات. بطريقة مشابهة، إذا قدمت منظمة غير حكومية مساعدات غذائية أو طبية من خلال وسطاء محليين لهم علاقات بأنظمة قمعية أو جماعات مسلحة غير تابعة للدولة، وقام هؤلاء الفاعلون بتحويل أو توزيع المساعدات بطريقة تمييزية، فإن المنظمة ستكون مرتبطة مباشرة بتلك الانتهاكات.
[250] المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة (رقم 6) المبدأ 13: “تتطلب المسؤولية عن احترام حقوق الإنسان أن تقوم المؤسسات التجارية بما يلي: (أ) أن تتجنَّب التسبُّب في الآثار الضارة بحقوق الإنسان أو المساهمة فيها من خلال الأنشطة التي تضطلع بها، وأن تعالج هذه الآثار عند وقوعها ؛ (ب) أن تسعى إلى منع الآثار الضارة بحقوق الإنسان التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بعملياتها أو منتجاتها أو خدماتها في إطار علاقاتها التجارية، حتى إذا لم تسهم في تلك الآثار”.
[251] المرجع نفسه.
[252] المرجع نفسه.