لا تزال البيئة التشغيلية في شمال غرب سوريا معقدة للغاية بالنسبة للمنظمات غير الحكومية الإنسانية.1إنّ بروز هذه المنطقة بالذات كهدف جغرافي للعمليات الإنسانية يعد مؤشّراً على السياق الصعب الذي يضطر الفاعلين الإنسانيين إلى التعامل معه، والمخاطر الكامنة التي يتضمنها. وقد أضاف الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في عام 2023 ضغطاً إضافياً على الاستجابة الإنسانية في المنطقة وأظهر الحاجة إلى نهجٍ مُحسّن يأخذ في الاعتبار تأثير العمليات الإنسانية على حقوق الإنسان.
على مدار أكثر من عقد من النزاع المسلح، شهدت المنطقة مزيجاً مدمراً من الفظائع، والنزوح الجماعي والتجزؤ الجغرافي والسياسي والتدخل والاحتلال الأجنبيَّين والكوارث الطبيعية مما جعل ملايين السوريين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، وهذا يؤكد الدور الحاسم الذي تضطلع به الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة في هذا السياق.2 إلّا أن هذا السياق يزيد أيضاً من خطر حدوث انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
وبالنظر إلى هذه التضاريس المعقدة، فإن اتباع نهج مبدئي قائم على حقوق الإنسان في تقديم المساعدات الإنسانية يُعدّ ضرورة قانونية. قد تساهم العمليات الإنسانية في بعض الأحيان، عن غير قصد، في انتهاك حقوق الإنسان أو إطالة أمد نقاط الضعف المساهمة في انتهاك حقوق الإنسان إذا لم يتم إجراء تقييم دقيق ومستمر للمخاطر القانونية والاجتماعية والبيئية. كما أن محدودية التخطيط الاستراتيجي، لا سيما من قبل الجهات المانحة، تؤثر على نجاح العمليات الإنسانية. الانخفاض المستمر في تمويل الاستجابة الإنسانية في شمال غرب سوريا يفرض قيوداً على المشاريع المنفَّذة.3 مما قد يزيد من المخاطر السلبية على حقوق الإنسان وقد تنطوي الأضرار المحتملة لحقوق الإنسان في المجتمعات المتضررة على عواقب وخيمة ليس فقط على المدى القصير، ولكن أيضاً على المديَيْن المتوسط والطويل.
ولضمان ألّا تؤدي العمليات الإنسانية إلى تفاقم الضرر أو تصاعد الديناميات النزاعية عن غير قصد، فإن دمج نهج العناية الواجبة المعززة بحقوق الإنسان خلال دورة المشروع بأكملها يعد أمراً ضرورياً.4 تم تصميم الأداة من أجل دعم تعميم منظور حقوق الإنسان في تخطيط وتنفيذ المشاريع الإنسانية، ولمساعدة الفاعلين الإنسانيين في تقييم التأثيرات السلبية المحتملة على حقوق الإنسان ضمن عملياتهم، وتزويدهم بفهم راسخ للقانون الدولي ولأطر حقوق الإنسان ذات الصلة بعملهم. ومن خلال ذلك، توفر هذه الأداة إرشادات عملية للمنظمات غير الحكومية الإنسانية حول تطبيق العناية الواجبة والمعززة بحقوق الإنسان. لا تهدف هذه المراجعة الدقيقة لحقوق الإنسان إلى فرض المزيد من القيود على الاستجابة الإنسانية المعقدة في شمال غرب سوريا، أو إلى زيادة المتطلبات الخاصة بالبرامج الإنسانية. بل يسعى بدلاً من ذلك إلى تمكين المنظمات غير الحكومية الإنسانية من ضمان احترام عملياتها لحقوق الإنسان وتعزيز الدعم المقدم إلى المجتمعات المحلية. كما تهدف الأداة إلى تزويد المنظمات غير الحكومية الإنسانية بالمعرفة القانونية اللازمة لتسهيل تطبيق العناية الواجبة بحقوق الإنسان عبر جميع مراحل دورة مشاريعها. ويجدر التنويه إلى أنّ الإشارة إلى “حقوق الإنسان” في هذا المستند والأداة، لا تقتصر فقط القانون الدوليّ لحقوق الإنسان، بل تشمل أيضاً الحماية والحظر المنصوص عليها في الأُطر القانونية الدولية ذات الصلة والمترابطة وأبرزها القانون الدولي الإنساني.
- تم كتابة هذا التقرير قبل سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024. وكان الهدف منه معالجة التحديات المتعلقة بحقوق الإنسان في بيئة الاستجابة الإنسانية في شمال غرب سوريا، التي كانت خارج سيطرة نظام الأسد.
- وفقاً لأرقام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، هناك 4.2 مليون محتاج من أصل 5.1 مليون يعيشون في المنطقة. كما تستضيف المنطقة 3.5 مليون نازح ومليون طفل خارج المدرسة. مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، شمال غرب سوريا: تقرير الحالة، (تشرين الأول/أكتوبر 2024)، متاح على <https://www.unocha.org/publications/report/syrian-arab-republic/north-west-syria-situation-report-18-october-2024-enar# :~: text=Years% 20of % 20repeated%2C % 20displacement،who%20suffer%20from%20severe%20disorders>
- وفقاً لأرقام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، هناك 4.2 مليون محتاج من أصل 5.1 مليون يعيشون في المنطقة. كما تستضيف المنطقة 3.5 مليون نازح ومليون طفل خارج المدرسة. مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، شمال غرب سوريا: تقرير الحالة، (تشرين الأول/أكتوبر 2024)، متاح على <https://www.unocha.org/publications/report/syrian-arab-republic/north-west-syria-situation-report-18-october-2024-enar# :~: text=Years% 20of % 20repeated%2C % 20displacement،who%20suffer%20from%20severe%20disorders
- تنطوي العناية الواجبة المعزَّزة بحقوق الإنسان على عملية صارمة لتحديد الآثار السلبية المحتملة والفعلية ليس فقط على حقوق الإنسان، ولكن على سياق النزاع الأوسع ودينامياته أيضاً.