العناية الواجبة بحقوق الإنسان هي عملية استباقية تهدف إلى تحديد المخاطر المحتملة على حقوق الإنسان، والتي قد تنشأ أثناء تصميم المشروع وتنفيذه، ومنعها والتخفيف من حدتها ومعالجتها. ويجب أن تتضمن هذه العملية تقييم التأثيرات السلبية الفعلية والمحتملة للنشاطات الإنسانية على حقوق الإنسان، واتخاذ الإجراءات اللازمة بناءً على النتائج، ومتابعة الاستجابات، والتواصل حول كيفية معالجة تلك التأثيرات. وبهذا الشكل، تعمل العناية الواجبة بحقوق الإنسان كآلية وقائية لضمان توافق الجهود الإنسانية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتعزيز نهج قائم على المساءلة والشفافية ومركزية الحقوق.
في البيئات المتأثرة بالنزاع، مثل شمال غرب سوريا، يتعيّن على المنظمات غير الحكومية الإنسانية اتباع نهج معزز من العناية الواجبة بحقوق الإنسان (العناية الواجبة المعززة) لفهم تأثير أنشطتها بشكل أفضل على ديناميات النزاع. تعزز العناية الواجبة المعززة بحقوق الإنسان فهمَ السياق الذي تعمل فيه المنظمات غير الحكومية الإنسانية وتضمن أنَّ أنشطتها لا تساهم في العنف، أو تعزز أوجه عدم المساواة القائمة، أو تخلق نقاط ضعف جديدة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحديد بؤر التوتّر والعوامل المحفزة، أو المحركات الأساسية للنزاع.
بشكل جوهري، تتطلب العناية الواجبة المعززة بحقوق الإنسان اتّباع نهج صارم لتحديد كلٍّ من التأثيرات المحتملة والفعلية على حقوق الإنسان على مستوى الأفراد وعلى مستوى السياق الأوسع للنزاع. ويرتكز هذا النهج على مبدأ التناسب: أي أنَّه كلما زاد مستوى المخاطر، ازداد تعقيد وعمق عمليات العناية الواجبة. ولهذا، ينبغي أن تتناسب إجراءات العناية الواجبة مع مستوى المخاطر المتزايد في المناطق المتأثرة بالنزاع، حيث ترتفع احتمالية حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وبهذه الطريقة يتم ضمان أنَّ جميع التدخلات الإنسانية متناسبة مع التحديات والمخاطر الخاصة بهذه البيئات، وذلك بهدف منع التأثيرات السلبية والتخفيف من حدتها ومعالجتها بفعالية.
إن العناية الواجبة بحقوق الإنسان ليست عملية تُنفّذ مرة واحدة فقط، وليست مجرد نشاط قائم على قوائم مراجعة. بل هي عملية مستمرة تتطلب مراقبة دائمة ويقظة مستمرة، لا سيما في البيئات المتقلبة وغير المستقرة. في مثل هذه السياقات ، قد تتطور المخاطر المرتبطة بحقوق الإنسان مع مرور الوقت، مما يتطلب تكييف تدابير الوقاية والتخفيف وفقاً لذلك. ومن الجدير بالذكر أيضاً أنًّ العناية الواجبة بحقوق الإنسان تختلف في مستوى تعقيدها تبعاً لحجم المنظمة وطبيعة عملياتها وسياق عملها.
7. لمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان: تنفيذ “إطار الحماية والاحترام والانتصاف (المشار إليها فيما يلي باسم” المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة “) (2011) HR/PUB/11/04، المبدأ 17، متاح على <https://www.ohchr.org/sites/default/files/documents/publications/guidingprinciplesbusinesshr_en.pdf
8. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “العناية الواجبة بحقوق الإنسان في الأعمال التجارية في السياقات المتأثرة بالنزاعات: دليل” (2022) متاح على <https://www.undp.org/publications/heightened-human-rights-due-diligence-business-conflict-affected-contexts-guide
9. انظر المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة (رقم 6) المبدأ 17(ج).
10. المرجع نفسه
11. انظر المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة (رقم 6) المبدأ 17(ب).